لا تتزوج هذه الفتاة

.. لا شئ يسعدني أكثر من زواج البنات ممن أعرف أو لا أعرف ، مشهد العروس في فستانها الأبيض ينشر البهجة ويبعث تنهيدة راحة تقول الحمد لله علي نعمة الستر ، الستر هنا يخص العروسين وليس البنت وحدها ، ابتسامة العروس وفرحتها تفتح بابا جديدا للأمل والتفاؤل.

ولكن هذه المرة منعت نفسي بصعوبة من أن أقول لهذا الشاب (لا تتزوج هذه الفتاة)

الحكاية من أولها أنني كنت في بنك فيصل لقضاء بعض المعاملات وكان الزحام شديدا ، كنت أجلس علي كرسي من كراسي الانتظار وعلي مقربة مني جلس شاب يبدو أنه ابن حلال ، رن تليفونه وأخذ يرد كأنه يدافع عن نفسه أمام وكيل النيابة (لم أتصل لأنني لم أعد للبيت) (اتأخرت لأن الشوارع زحمة) بعد دقائق رن تليفونه مرة أخري وكانت علي مقربة منه فتاة تتحدث مع والدتها وتضحك وبدأت سلسلة جديدة من التحقيقات (أنا في البنك) ثم بصوت خفيض نسبيا (هذه الضحكات لفتاة من عملاء البنك) (لا والله) (حاضر حاضر) ثم تنهيدة قوية.

أذن لصلاة العصر وقام الشاب يصلي مع الناس ، وبعد الصلاة رن تليفونه ثانية (كنت أصلي) (كان التليفون مغلقا) (لا لم أنته بعد) (الفتاة التي كانت تضحك ؟ لا أعرف والله أين ذهبت) (اسمعي يا سارة أسلوبك مستفز) (اقفلي دلوقت) ، جاء دوري وقمت بإنهاء معاملتي وأثناء خروجي تابعت الشاب المسكين الذي كان يرد مرة أخري علي خطيبته ولكن بشكل أكثر حدة ، وقلت له في نفسي كان الله في عونك يا ابني.

لا أعرف سر انتشار هذا النموذج في فتيات الجيل الجديد ، لو قلت أنه (الفراغ) أجد أنه ينتشر بين العاملات وغير العاملات ، (عدم التوكل) منتشر بين المتدينات وغيرهن ، (عدم الثقة بالنفس) منتشر بين الجميلات والمتميزات وغيرهن ، ثم إن هذه الصفة بالذات تستمر وتتزايد مع الفتاة بعد الزواج والإنجاب والتأكد من استقامة الزوج وصلاحه ، مهما حاول إثبات حسن نيته إلا أنها لا تكف عن ملاحقته واتهامه وإظهار الشك في نواياه.

تكلمت مع إحدى قريباتي بناء علي طلب أمها علي طريقة (عقليها) ، الفتاة متزوجة منذ ثلاث سنوات ولديها طفلة وزوجها ملتزم وهي كذلك ، ولكنها تفتعل معه مشكلات دائما بسبب شكوكها في أنه كلم فلانة أو ذكر علانة بالخير مما يعني إعجابه بها ، يبدأ النقار ويتحول إلي شجار تترك البيت علي أثره وتذهب لبيت أبيها ، وكل مرة تسوء الأمور وينحدر مستوى الحوار بينهما ، المهم كلمت البنت وسألتها (هل تعتقدين أن زوجك الرجل المصلي الذي يخاف الله يمكن أن يقع في الحرام ؟) فقالت (وهل أنتظر حتى يقع

فهمت أخيرا ، إنها توجه له ضربات استباقية لتجهض مخططاته وتفسد نواياه  المستقبلية والحرب خدعة ووسائل المخابرات والاستشعار عن بعد في تطور مستمر

فهمت أخيرا ، إنها توجه له ضربات استباقية لتجهض مخططاته وتفسد نواياه المستقبلية والحرب خدعة ووسائل المخابرات والاستشعار عن بعد في تطور مستمر

هل يصح أن تكون تلك المشاعر أساسا لقيام حياة زوجية المفروض أن قوامها المودة والرحمة ؟

الثقة أساس كل علاقة طيبة ، أما الشك فهو يأكل المحاسن والمزايا مهما كانت ، كما أنه يتزايد ويسبب ردود أفعال سيئة لدي الزوج ، فقد تحفزه الشكوك والهجوم المستمر وعدم الارتياح إلي البحث بالفعل عن امرأة أخري يرتاح معها وأيضا لتصبح الشكوك في محلها وتصبح الضريبة التي يدفعها من أعصابه وكرامته لها مقابل ، وهذا بالضبط ما حدث في أكثر من حالة أعرفها ، كان دافعه الأساسي للبحث عن زوجة أخري هو ضغوط زوجته الشكاكة الشكاءة.

أرجو من كل زوجة أن تعيد تقييم نفسها من منظور جديد ، فلا تقول أنا جميلة وبنت ناس ومتعلمة وربة بيت و أم الأولاد وماهرة ومضحية وووو ، كل تلك المزايا تحرقها نار الغيرة الحمقاء وتذوب في جحيم الشك ، هناك زوجات لا يتمتعن بالكثير من المزايا السابقة ولكن يحظين بحب واحترام الزوج لأقصي درجة لماذا ؟

لأنها تحلت بذكاء الأنثى وتخلت عن غرورها وعنادها ، لأن زوجها ينظر في عينيها فيري صورة جميلة لنفسه ، لأنه يشعر أنها الصديقة التي يطرح لديها نفسه بلا حرج ولا لوم ، و أنها الجانب المضمون في حياته ، الواحة والسند ، لا داعي لأخذ احتياط للزمن وتوكلي علي الله وهو سبحانه وتعالي سوف يأجرك علي نيتك ويكفيك شر ما تخبئه الأيام.

لا تفسدي الحاضر خوفا من احتمال الغدر في المستقبل ، بل عيشي أيامك بحب وثقة وعطاء ، نصيحتي لكل شاب تزوج الفتاة التي تريحك في المعاملة حتى لو لم تكن تمتلك الكثير من المزايا الشكلية والمادية وابتعد عن المصابة بسرطان الشك.

Post a Comment (0)
Previous Post Next Post