التفاصيل الكاملة لجريمة الأمّ التي سممت أطفالها الثلاثة بـعصير فتاك

صـ دى المحاكم

111

قطة سائبة كشفتها

التفاصيل الكاملة لجريمة الأمّ التي سممت أطفالها الثلاثة بـعصير فتاك


حملتهم في أحشائها 27 شهرا... ذاقت ألوانا من العذاب أثناء وضعهم... احتضنتهم شهورا وسنوات... سهرت الليالي الطوال على رعايتهم والعناية بهم حتى كبروا شيئا فشيئا وبدأ حلمها وحلم زوجها الرجل الطيب في رؤية أطفالهما من الناجحين... المتوفقين... وفعلا بدأ الحلم يتحقق من خلال الابن الأكبر (ح) (12 سنة) والبنت الوسطى سحر (10 سنوات) اللذين كانا ناجحين في الدراسة...

ولكن هذه الأم كرهت فجأة فلذات أكبادها... نفرتهم دون أن تثير أدنى شك حولها... بدأت قبل عام وبضعة أيام تخطط لطريقة للتخلص منهم وفي الآن ذاته لا تتوانى في تقبيلهم واحتضانهم والقيام بشؤونهم في ازدواجية غريبة جمعت فيها الحب والعطف الظاهرين بالكراهية المخفية...

بدأت في التنفيذ... نجحت في التخلّص من الأولى(سحر) بعد أن سقتها عصيرا... عصيرا ممزوجا بفتّاك... ونجحت في التخلص من الثاني(محمد ياسين) بعد أن سقته «العصير» بدل الحليب وهو الذي لم يتجاوز ربيعه الثالث... ثم جاء دور الطفل الأكبر»ح» فسقته بدوره «العصير» ولكن عوض أن يموت ويلتحق بشقيقيه ماتت قطة سائبة مكانه فانكشفت حقيقة هذه الأم... نعم قطة سائبة تناولت «العصير» الغريب الذي كانت في كل مرة تقدّمه الأم لأطفالها... كشفت الحقيقة ونزعت القناع عن وجه الأم القاتلة... نزعت قناع العطف والحنان الذي كانت تتجول به بين أقسام طب الأطفال بمستشفيات سوسة ليُكشف وجهها الحقيقي... ليُكشف جرمها... بشاعة الجرم الذي ارتكبته في حق فلذات أكبادها عندما اعترفت بالحقيقة لدى سماعها من أعوان فرقة الشرطة العدلية بسوسة المدينة في مرحلة أولى ثم أعوان الإدارة الفرعية للقضايا الإجرامية في مرحلة ثانية.

هذا ملخّص لإحدى أبشع الجرائم التي ارتكبت في حقّ الطفولة... ملخّص لإحدى أبشع الجرائم التي اقترفتها أمّ في حق أطفال أنجبتهم ورعتهم السنين الطوال ثم غدرت بهم... سوسة صُدمت خلال الأسبوع الفارط لسماعها الخبر... القلعة الكبرى فُجعت وإليكم بقية الرواية.

ارتفاع حرارة الجسم

عندما قرّرت الأم التخلص من أطفالها تباعا كان عليها ان لا تورّط نفسها وأن لا تترك أية قرينة لإدانتها فاقتنت عدة عُلب من مادة فتاكة أخفتها في مكان ما بالمنزل ثم بدأت في التنفيذ... وقع اختيارها في البداية (جوان 2009) على «سحر» التي كانت تزاول دراستها بنجاح فوضعت كمية قليلة من الفتاك في علبة عصير وسلمتها لها... تناولت البنية بكل براءة العصير... ارتفعت حرارتها قليلا فناولتها المزيد ثم نقلتها إلى مستشفى بسوسة حيث احتفظ بالبنية وظلت الأم مقيمة معها بعد إلحاح... قام الأطباء بكل الكشوفات والتحاليل وناولوا البنية الأدوية الضرورية لخفض حرارة الطفلة دون جدوى فقرّرت الأم نقل ابنتها إلى مستشفى آخر بالجهة حيث أقامت رفقة فلذة كبدها ولكنها لم تغادره إلا بعد أن ماتت الطفلة بسبب «السخانة» الغامضة التي حيّرت الإطار الطبي المشرف... وتجدّد السيناريو...

تظاهر ت الأم بالحزن الشديد على وفاة طفلتها الوحيدة... بكت طويلا فراقها والجارات يحاولن مواساتها... نجحت أخيرا في الخطة التي رسمتها... قطفت طفولة إبنتها إلى الأبد والأهم من ذلك عدم ترك دليل يدينها... ظلت طيلة تسعة أشهر تتظاهر بفقدان سحر وضحكات سحر ومرح سحر بين الحين والآخر وفي الخفاء تخطط لقطف زهرة أخرى من زهراتها الثلاث... وقع الاختيار في مارس الفارط على الإبن الاصغر محمد ياسين (ثلاث سنوات)... سقته عوضا عن الحليب «عصير» العادة... ارتفعت حرارة جسم الرضيع... فسارعت بنقله إلى نفس المستشفى... احتفظ بالطفل وأمّه كمرافقة... سلمه الطبيب المباشر الدواء الناجع لخفض الحرارة... في ذات الوقت كانت الأم تناول طفلها «العصير» الفتاك... ظلت الحرارة مرتفعة طيلة ثلاثة أشهر، عجز الأطباء عن تحديد سببها حتى مات الرضيع وغادرت والدته المستشفى حاملة جثته وهي تبكي بحرقة.

الطفل الأكبر نجا بأعجوبة

لم تمض سوى أيام معدودة حتى قرّرت المتهمة التخلص من الإبن الوحيد المتبقي فناولته «العصير» الممزوج بالفتاك، وحين ارتفعت درجة حرارة جسمه نقلته إلى نفس القسم بنفس المستشفى بسوسة... ولكن ما كلّ مرّة تسلم الجرّة، إذ شكّت رئيسة القسم هذه المرّة في المسألة واتخذت إجراءات صارمة أهمّها رفض إقامة الأم مع إبنها رغم إلحاحها وإصرارها على المبيت قرب إبنها بتعلة صغر سنّه والقيام بشؤونه ثم أشعرت أعوان الأمن... غادرت الأم المستشفى وعادت في اليوم الموالي حاملة معها علبة عصير سلمتها للممرضة كي تناولها لابنها «ح» وأصرّت على أن يتناولها أمامها حتى تطمئن على صحته فسارعت الممرضة بإشعار رئيسة القسم التي كانت اقتنت علبة عصير من نفس النوع والحجم وتوجّهت نحو الطفل وناولته العلبة التي بحوزتها تاركة العلبة التي جلبتها الأمّ... كانت الأم تلحّ على طفلها ان يتناول العصير ثم غادرت المكان مطمئنة.

توجهت الطبيبة حينها نحو إحدى القطط السائبة وقدمت لها بعضا من العصير الذي جلبته المتهمة لتفاجأ بعد دقائق قليلة بموتها، وبتشريح الجثة بمصالح الطب البيطري الشرعي تبيّن أن بها مادة فتاكة.

تمّ في الحين إشعار أعوان الأمن بهذه المستجدات فتوجهوا في اليوم الموالي إلى المستشفى وحال قدوم الأم أوقفوها بحالة تلبس وبحوزتها علبة»العصير» القاتل فاقتادوها إلى المقر الأمني حيث اعترفت بمسؤوليتها عن قتل ابنيها «سحر ومحمد ياسين» ومحاولة قتل الإبن الثالث»ح» مبرّرة جريمتها في حق فلذات أكبادها بالظروف الاجتماعية الصعبة التي تعيشها وقلة ذات اليد وعجز زوجها عن توفير أدنى مستلزمات الحياة.

هذه الأسباب أيّدها والد المتهمة لدى اتصالنا به عندما قال بأسف شديد:»لقد كانت ابنتي( 36 سنة) تعمل في مصنع خياطة وهو ما مكنها من توفير مستلزمات الحياة وتوفير حاجيات أسرتها ولكن منذ أربع سنوات ونيّف انقطعت عن العمل بعد إفلاس المصنع فتدهورت الوضعية المادية لعائلتها وتعدّدت العراقيل فهي تعيش بلا ماء ولا كهرباء... ثلاجتها معطبة أمام عجز زوجها عن توفير المال فتعقّدت الوضعية».

هنا اكتفى الأب بالحديث إلينا مؤكّدا أنه لا علم له بالجريمة وأنّ كل ما يعلمه هو إقامة ابنته وأطفالها من حين لآخر في المستشفى للعلاج.

عائلة الزوج تنفي

أمّا عائلة الزوج التي كان كل أفرادها تحت تأثير الصدمة فقد نفت ادعاءات المشبوه فيها وأكدت أنها مجرد مزاعم لا أساس لها من الصحة، وفي هذا الإطار قال شقيق الزوج:» لست أدري من أين جاءت المتهمة بهذه الأسباب الواهية لتبرّر جريمتها فأخي يعمل في قطاع البناء وأجرته اليومية لا تقل عن 25 دينارا... وكان كافلا لأسرته ولم يشتك يوما من نقص في المال كما أنّ زوجته لم تشك يوما من قلة ذات اليد... إذ كان يلبّي كل طلبات أطفاله وشريكة حياته ويقوم بواجباته كاملة تجاه أسرته التي كانت كل حياته...إنها ادعاءات واهية، باطلة وما على المتهمة سوى كشف الحقيقة».

حجز علب من العصير الفتاك

وفي إطار التحريات الأمنية علمنا أن أعوان فرقة تابعة للإدارة الفرعية للقضايا الإجرامية بتونس حجزوا مساء يوم الخميس الفارط أربع علب من العصير الممزوج بمادة فتاكة وعلبتين تحتويان على مسحوق مادة سامة يرجح أن المشبوه فيها كانت تستعد لاستخدامها في مواصلة تسميم ابنها «ح» الذي نجا بأعجوبة. ومازالت التحريات متواصلة معها لكشف الحقيقة... حقيقة إقدام أم تجرّدت من أمومتها لقتل اثنين من أطفالها ومحاولة قتل الثالث بطريقة فظيعة.

صابر المكشر

Post a Comment (0)
Previous Post Next Post