*فضل ايام التشريق الثلاثه :
ايام التشريق هى ...
( ثلاثة أيام بعد يوم النحر أي الحادي عشر والثاني عشر و الثالث عشر من ذي الحجة.)
وسميت أيام التشريق ؛ لأن الحجاج يشرقون فيها لحوم الأضاحي والهدايا
- أي ينشرونها ويقددونها في الشمس .
-هى أيام ذكر وشكر:
أيام التشريق أيام ذكر الله تعالى وشكره وإن كان الحق أن يذكر الله تعالى ويشكر في كل وقت وحين,
لكن يتأكد في هذه الأيام المباركة. روى نبيشة الهذلي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله)
أخرجه مسلم
وفي رواية للإمام أحمد(من كان صائماً فليفطر فإنها أيام أكل وشرب)
صحيح مسلم.
وهي الأيام المعدودات التي قال الله عز وجل فيها
(وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ)(البقرة: من الآية203)
وجاء في حديث عبد الله بن قرط أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( أعظم الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القر)
أخرجه الإمام أحمد.
ولما كانت هذه الأيام هي آخر أيام موسم فاضل, فالحجاج فيها يكملون حجهم,
وغير الحجاج يختمونها بالتقرب إلى الله تعالى بالضحايا بعد عمل صالح في أيام العشر,
استحب أن يختم هذا الموسم بذكر الله تعالى للحجاج وغيرهم.
وتلك سنة سنها الله تعالى عقب انتهاء بعض العبادات: ففي الشأن الذكر عقب الصلاة
جاء القرآن العظيم بالأمر به في قوله تعالى:
(فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ )
(النساء: من الآية103)
وفي ذكر صلاة الجمعة قال تعالى:
(فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)
(الجمعة:10)
وعقب الحج أمر بذلك فقال تعالى:
(فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً )
(البقرة: من الآية200)
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
وأفضل الذكر وأنفعه ما واطأ فيه القلب واللسان, وكان من الأذكار النبوية,
وشهد الذاكر معانيه ومقاصده.
-الذكر المتأكد في أيام التشريق:
يتأكد في هذه الأيام المباركة التكبير المقيد بأدبار الصلوات المكتوبات,
والتكبير المطلق في كل وقت إلى غروب شمس اليوم الثالث عشر للحجاج وغيرهم .
وقد كان عمر رضي الله عنه يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون,
ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً.
وكان ابن عمر رضي الله عنهما يكبر بمنى تلك الأيام, وخلف الصلوات ,
وعلى فراشه, وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعاً.
وكانت ميمونة رضي الله عنها تكبر يوم النحر وكان النساء يكبرن خلف
أبان بن عفان وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المساجد
[صحيح البخاري]
بل بلغ من أهمية التكبير المقيد بأدبار الصلوات أن العلماء قالوا:
يقضيه إذا نسيه, فإذا نسي أن يكبر عقب الصلاة فإنه يكبر إذا ذكر
ولو أحدث أو خرج من المسجد ما لم يطل الفصل بين الصلاة والتكبير.
وهكذا التكبير المطلق مشروع أيضاً في السوق وفي البيت
وفي المسجد وفي الطريق تعظيماً لله تعالى وإجلالاً له, وإظهاراً لشعائره .
- اجتماع نعيم القلوب ونعيم الأبدان:
أيام التشريق يجتمع فيها للمؤمنين نعيم أبدانهم بالأكل والشرب, ونعيم قلوبهم بالذكر والشكر,
وبذلك تتم النعمة. وكلما أحدثوا شكراً على النعمة كان شكرهم نعمة أخرى,
فيحتاج إلى شكر آخر ولا ينتهي الشكر أبداً.
- بين أيام التشريق ونعيم الجنة:
في النهي عن صيام أيام التشريق بعد العمل الصالح في عشر ذي الحجة لمن لم يحج,
وبعد أعمال الحج, في هذا النهي عن الصيام والتمتع بما أحل الله من الطيبات
إشارة إلى حال المؤمنين في الدنيا. فإن الدنيا كلها أيام سفر كأيام الحج,
وهي زمان إحرام المؤمن عما حرم الله عليه من الشهوات,
فمن صبر في مدة سفره على إحرامه, وكف عن الهوى, فإذا انتهى سفر عمره,
ووصل إلى منى المُنى فقد قضى تفثه ووفى نذره, فصارت أيامه كلها كأيام منى,
أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل ,وصار في ضيافة الله عز وجل في جواره أبد الأبد,
ولهذا يقال لأهل الجنة: (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (الطور:19)
(كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ) (الحاقة:24)
من صام اليوم عن شهواته أفطر عليها غداً بعد وفاته, ومن تعجل ما حرم عليم من لذاته
عوقب بحرمان نصيبه من الجنة وفواته وشاهد ذلك :
من شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة, ومن لبس الحرير لم يلبسه في الآخرة
فالواجب على المسلمين تقوى الله تعالى, وعمارة أوقاتهم بذكره تعالى وشكره وطاعته.
فكما تنقضي هذه الأيام الفاضلة على المفرط والمحسن معاً مع الفارق الكبير بين عملهما
فكذلك الدنيا تنقضي على الجميع لا تقدم المحسن قبل حلول أجله,
ولا تؤخر العاصي ليتوب, بل إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون,