الإنسانيّة والتّوحّش

تبدو العلاقات البشريّة قائمةعلى أسّين:
*من العلاقات ما بني على مبدإ التّجاور وفيه إقرار ضمنيّ بنسبيّة الحقيقة وتوزّعها بين النّاس...وأنّ الحكمة المطلقة والعصمة مسألتان لا تتّصلان بحقيقة الإنسان اليوم ولا تحتملهما مواقفه في السّياسة والاجتماع والاقتصاد والفكر.
ندرك عندها أنّ التّجاور مفهوم متّصل اتّصالا وثيقا بمعنى التّنوّع وحقيقة الاختلاف.
مثل هذه العلاقة يمكن أن تجد لها حضورا داخل مؤسّسات اجتماعيّة كالأسرة واقتصاديّة وسياسيّة وأهليّة.
ولا شكّ أن بناء علاقات على هذا النّحو يحمي المتعايشين من الإحساس بالغبن والضّيق وينشر تواصلا واحتراما حقيقيّين.
فعلاقات التّجاور تنشأ في ظلّ مجتمع تطغى عليه النّزعة الانسانيّة.
*ومن العلاقات ما بُني على العداء والتّطاحن والإقصاء، فترى اجتماع النّاس مؤذنا بانفجارهم والتقاءهم يحمل بين ثناياه بوادر تفرّقهم.
مثل هذه العلاقات إن قامت داخل الأسرة تفكّكت، وإن حكمت المؤسّسات الاقتصاديّة تقهقرت وبدت تباشير إفلاسها، وإن شملت المؤسّسات السّياسيّة مالت إلى الاستبداد والتّسلّط وإن أدركت ريحها الفكر ذبل وتكلّس...
هذه العلاقات منبعها ذوات بشريّة تتوهّم الحكمةوالعصمة وأنّ ما أوتيت من العلم والمعرفة كثير.
ولا شكّ أنّ علاقات التّطاحن تبتعد بأيّ مجتمع عن فضاء الإنسانيّة وتنحرف به إلى التّوحّش.
وإن نظرنا واقع المجتمع العربي لمسنا بجلاء انحسار الضّرب الأوّل من العلاقات ونموّ النّوع الثّاني.
فكيف يمكن أن يستعيد هذا المجتمع بعده الإنساني فتكون العلاقات بين مختلف مكوّناته قائمة على التّجاور لا العداء؟



*Chatroulette SanS ProXy * *

Post a Comment (0)
Previous Post Next Post